سرّ الشخصية شديدة الحساسية
يملكون شعورًا عميقًا، ويفهمون الآخرين بصدق، غير أنهم، في الوقت ذاته، يواجهون مشاقّ جسيمة لا يُستهان بها.
ما معنى أن يكون الإنسان "بالغ الحساسية"؟ لو طُرح عليّ هذا السؤال في زمن مضى، قبل أن تنفتح لي أبواب التجربة، لأجبت ببساطة: لست من أولئك، ولا علم لي بما يشعرون به. غير أنّ الأمر تغيّر في عام 1991، حين وصفني أحد المعالجين النفسيين بهذه الصفة، بعد أن أُحلت إليه بسبب ما عُدَّ حينها "رد فعل مبالغًا فيه" تجاه إجراء طبي بسيط. ومنذ تلك اللحظة، بدأت أنظر إلى نفسي بعين مختلفة، وأتأمل في حقيقة أن يكون الإنسان على قدرٍ عالٍ من الحساسية.
ومع تعاقب السنين، غُصت في هذا الأمر غوص من ينقّب عن ذاته في مرآة جديدة. فاكتشفت أن هذه السمة، أي فرط الحساسية، ليست إلا دلالة على عمق التفكير في كل ما نعبره من تجارب. فصاحبها لا يكون متأملًا فحسب، بل يغدو مبدعًا بطبعه، ميّالًا إلى العلم، منجذبًا إلى الروحانيات، أكثر من عامة الناس. ونحن، معشر ذوي الحساسية العالية، نملك تعاطفًا يكاد يكون فطريًا، وغالبًا ما يغمرنا هذا التعاطف حتى نبكي لأبسط ما نراه أو نسمعه. نلحظ ما قد يغيب عن انتباه غيرنا: تغريد طائر، أو تفتّح زهرة، أو تسلُّل ضوء إلى غرفة، أو حتى تحريك كرسي من مكانه.
إلا أن هذا الإدراك الحادّ يرهقنا سريعًا؛ فعقولنا لا تهدأ، وأرواحنا تُرهق من كثرة التفاصيل. إن سافرتُ يومًا، وزرت متحفًا في النهار، فإني لا أحتمل بعدها ضجيج نادٍ ليلي. ولا أميل إلى المطاعم الصاخبة. أضع سدادات للأذن أثناء الرحلات الجوية تجنّبًا للضوضاء، وإن ألقيت محاضرة عن الحساسية — وهذا أمر أستمتع به — أخرج منها وكأنني خرجت من معركة. وكلما كثر الحاضرون، زاد تعبي. وأنا أيضًا أشعر بالألم أكثر من غيري، وهو ما لاحظه ذلك المعالج منذ اللقاء الأول. ومنذئذ، صرت أقول مازحًا وجادًا للأطباء: "لعلكم لاحظتم من خلال خبراتكم أن بعض الناس شديدو الحساسية... مثلي!"
وفي عام 2010، وبعد أن اكتملت لديّ صورة أوفى عن هذه السمة، لخصتها في أربعة حروف تُكوِّن الكلمة الإنجليزية: DOES، بحيث يشير كل حرف إلى جانب جوهري منها:
D: التفكير العميق، والمعالجة المتأنية للمعلومات.
O: القابلية العالية للاستثارة والتحفيز.
E: الاستجابة العاطفية القوية، والتعاطف الغزير.
S: الحساسية الدقيقة تجاه أضعف المنبّهات.
وانطلاقًا من هذا التعريف، نستنتج أن نحو ثلاثة من كل عشرة أشخاص يمتلكون هذه السمة. وليس الأمر مقتصرًا على البشر، بل هو نمط فطري في العديد من الكائنات الأخرى: كالقطط، والكلاب، والخيول، بل وحتى بعض أنواع الطيور والأسماك وذباب الفاكهة!
وعلى الرغم من شيوع هذه السمة، فإنها لم تلقَ الاهتمام الذي تستحقه، حتى جاء شهر فبراير من عام 1993، حين نشرت صحيفة سانتا كروز سينتينيل مقالًا حول بحثي الذي أجريته في جامعة كاليفورنيا عن "الأشخاص شديدي الحساسية" (HSPs). وما إن نُشر المقال، حتى انهالت عليّ الرسائل والمكالمات من أناس رأوا أنفسهم في ما كتبته، يسألون ويستفسرون. فوافقت على إلقاء محاضرة في أكبر قاعة بالمكتبة العامة. وقد توافد الناس أفواجًا حتى اضطر الموظفون إلى ردّ بعضهم لامتلاء القاعة. وهكذا شرعت في تأليف كتاب عن الموضوع، ولم ألبث أن وجدت نفسي أمام واقع لم أكن أتوقعه: هناك كثير من أصحاب الحساسية العالية في هذا العالم، وكتابي نُفد من الأسواق، وصعد إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعًا.
لم أكن أنوي أن أصبح كاتبةً في مجال "المساعدة الذاتية"، ولا أن أظهر في المقابلات التلفزيونية؛ فأنا من أولئك الذين يؤثرون التأمل على الظهور. غير أنّ الناس كانوا متعطشين إلى المعرفة، فواصلت السير في هذا الطريق، كأنني خرجت ذات صباح للتنزه، فإذا بمن يسير خلفي، ثم ما لبثوا أن أصبحوا أفواجًا!
ولأكون صريحة، لم أكن أول من اكتشف هذه السمة. فهي معروفة منذ زمن. ففي عام 1913، استخدم عالم النفس الشهير كارل يونغ لفظ "حساس" لوصف بعض مرضاه. ثم جاء في خمسينيات القرن العشرين العالمان المتخصصان في سيكولوجية الأطفال، ألكسندر توماس وستيلا تشيس، ورفضا الفرضية الفرويدية السائدة آنذاك، والتي كانت ترى أن شخصية الطفل تتكوَّن فقط من تجاربه الأولى ورغباته اللاواعية. فقالا ببساطة ما يعرفه كل أب وأم أنعم الله عليهما بطفل: "الأطفال يختلفون منذ لحظة الميلاد!"، وحدّدا تسع سمات للرضّع، من بينها "انخفاض العتبة الحسية"، وهي سمة قريبة جدًّا مما أسميته لاحقًا بالحساسية العالية. كما صنّفا الأطفال إلى ثلاثة أنماط: الطفل السهل، والطفل الصعب، والطفل البطيء في الاندماج — وهذا الأخير يشبه إلى حد كبير الصورة التي نرسمها لمن يتسمون بالحساسية الفائقة.
أما جيروم كاغان، الأستاذ في جامعة هارفارد، فقد أجرى في ثمانينيات القرن الماضي دراسات دقيقة على ما سماهم "الأطفال المكبوتين" و"غير المكبوتين"، من خلال تجارب مخبرية دقيقة. وقد لاحظ أن الأطفال المكبوتين كانوا يميلون إلى التردد، ويُبدون الخوف، ويتراجعون عن خوض التجارب الجديدة — وهي صفات تتوافق مع شخصية المتأنّي، الذي يتروّى قبل الإقدام، ويرى ما وراء الظاهر، ويسمع ما خلف الأصوات.
ولكنني، حين قرأتُ ما كتبه ذلك العالم، شعرت بشيء من النفور من ألفاظه؛ إذ بدا لي فيها ما يُقلق القلب ولا يطمئنه. فمن ذا الذي يرتضي أن يُقال عن طفله إنه "مكبوت"؟ وأي أبٍّ يسعد بوصف كهذا؟ وهل تقبل أمٌّ أن يُنعت صغيرها بمثل هذا اللقب؟! ومنذ أن وصفني المعالج النفسي بأنني "شديدة الحساسية"، بدأت أتساءل: أليس هذا الوصف أصدق، وأرق، وأقرب إلى الواقع؟ وشرعت في مطالعة الكتب والمقالات، فوجدت أن هذا التعبير قد استُعمل هنا وهناك، غير أنه لم يكن شائعًا، وكان يُطلق أحيانًا على:
أصحاب المواهب الفذة،
أو الآباء الذين يبدون اهتمامًا مفرطًا بأبنائهم،
أو يُذكر في سياقات غامضة يُفترض معها أن يفهم القارئ المقصود من لفظ "حساس" دون شرح.
وكان أول ما سلكته في هذا الطريق منهجًا نوعيًّا، لا يعتمد على الإحصاءات المجردة، بل على القصص والتجارب. فجلستُ إلى أشخاص قرأوا منشورًا وزّعته، ورأوا فيه وصفًا دقيقًا لذواتهم. بعضهم قال إنه "شديد الحساسية"، وبعضهم الآخر قال إنه "انطوائي إلى حد كبير". فطرحت عليهم السؤال الذي كان يقلقني دومًا: هل الحساسية والانطواء أمرٌ واحد؟ إذ يرى بعض علماء النفس أن الانطواء لا يرتبط بالضرورة بطبيعة العلاقات الاجتماعية، بل يتعلق أكثر بالحساسية تجاه المحفزات، وبسرعة الاستجابة لها.
وقد أجريت تسعًا وثلاثين مقابلة، تنوع فيها المتحدثون من حيث الجنس والعمر والخلفية. فكان منهم من لا يزال في مقاعد الدراسة، ومنهم من شابت رأسه وتفرقت به سبل الحياة، كما تنوعت مجالات عملهم وخبراتهم، مما أتاح لي عينة غنية ومتعددة الأصوات.
ويا لعجبي حين أنهيت تلك المقابلات! فقد تبين لي أن ثلث الذين وُصفوا في اللقاءات بأنهم "شديدو الحساسية"، كانوا في الوقت ذاته من أصحاب الشخصية "المنفتحة". بل إن نسبتهم قد تبلغ أربعين في المئة، تبعًا للمعايير المستخدمة في التقييم.
ثم انتقلتُ إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة القياس الكمي. فصمّمت استبيانًا يتضمن نحو ستين سؤالًا، استوحيتها من مضمون تلك المقابلات السابقة. ثم تولّى زوجي، آرثر آرون — وكان عالمًا بارعًا في الإحصاء — تحليل هذه الأسئلة، فاختار منها سبعة وعشرين، وبنى على أساسها مقياسًا يتمتع بدرجة عالية من الموثوقية الإحصائية، يُعتدّ به في التقييم والاختبار.
وقد جرى اختبار هذا المقياس على نطاق واسع، إذ طُبّق على آلاف الطلبة ضمن مقررات علم النفس التمهيدية، في جامعات متعددة داخل الولايات المتحدة.
وفي عام 1997، نُشرت نتائج هذا الجهد في دراسة علمية مرموقة، اشتملت على سبع دراسات فرعية، من بينها دراسة اعتمدت على عينة عشوائية لضمان شمولية التنوع البشري. وقد أثبتت نتائج تلك الدراسة أن الحساسية العالية تمثل سمةً نفسيةً متميزة، تختلف عن الانطواء، ولا تُطابق ما يُعرف بـ"العُصاب" أو "العصابية"، وهي إحدى السمات الخمس الكبرى للشخصية، والتي تُقرَن عادةً بالقلق وسوء المزاج.
وقد أُطلق على هذه السمة الجديدة اسم: "حساسية المعالجة الحسيّة" (Sensory Processing Sensitivity)، لما تبين من أن أدمغة من يتصفون بها تقوم بمعالجة المعلومات بطريقة تختلف عن المعتاد.
وكان هذا الكشف إنجازًا ذا شأن، إذ نُشر البحث في إحدى أرقى المجلات العلمية المتخصصة في علم الشخصية، وقد استُشهد به فيما بعد في أكثر من ألف وستمئة مرجع علمي.
ولعل القارئ الكريم يتساءل عن طبيعة بعض الأسئلة الواردة في هذا المقياس الذي يتألف من سبعة وعشرين بندًا. وهي أسئلة مباشرة، لكنها تغوص عميقًا في أغوار النفس، ومنها على سبيل المثال:
هل تُرهقك المؤثرات الحسيّة القوية؟
هل تلاحظ التفاصيل الدقيقة في محيطك؟
هل تتأثر بمشاعر الآخرين؟
هل تشعر أن ألمك الداخلي أشد وقعًا من ألم سواك؟
هل تحيا في داخلك حياة ثرية ومعقدة؟
هل تزعجك الضوضاء العالية؟
هل تهزك الموسيقى أو اللوحات الفنية حتى تشعر برغبة في البكاء؟
هل يخالجك أحيانًا شعور بأن جهازك العصبي منهك، وأنك في حاجة إلى العزلة؟
وهناك تسعة عشر سؤالًا آخر من هذا القبيل، غير أن هذه العيّنة تكفي لتكوين فكرة واضحة عن طبيعة الاختبار وغاياته.
وفي الوقت الذي كنتُ أعمل فيه مع زوجي "آرت" على بحثنا التمهيدي حول الكبار ذوي الحساسية العالية، كان هناك باحثون آخرون بدأوا يلاحظون ما لاحظناه، بل شرعوا في تطوير نظرياتهم الخاصة استنادًا إلى دراسات تناولت الأطفال. وقد ظهرت في تلك الحقبة نظريتان بارزتان بشأن الحساسية، تركّز كلتاهما على الفروق الفردية في استجابة البشر لبيئاتهم، لا سيّما البيئات التربوية في مرحلة الطفولة.
أما "جاي بيلسكي" و"مايكل بلوس"، فقد طوّرا نظريةً أطلقا عليها اسم "نظرية القابلية التفاضلية للتأثر" (Differential Susceptibility Theory). وقد رأيا أن الانتقاء الطبيعي قد أوجد بين البشر من يكون شديد التأثر بما يتلقاه من رعاية، ومن يكون أكثر صلابة وثباتًا في نموّه. ويعود هذا التفاوت — في رأيهما — في الغالب إلى عوامل جينية. والعجيب أن من هم أشدّ تأثرًا لا يكونون فقط أكثر عرضة للتأثر سلبًا بالبيئات الرديئة، بل يكونون أيضًا أقدر على الاستفادة من البيئات الإيجابية، حتى لتفوق استفادتهم استفادة غيرهم ممن هم أقل حساسية.
ومن جهة أخرى، كان طبيب الأطفال "دبليو. توماس بويز" يلاحظ الظاهرة ذاتها، لا من خلال سلوك الأطفال، بل عبر تتبعه لأمراضهم التنفسية. فقد اكتشف أن الأطفال الذين يمتلكون أجهزة عصبية أكثر تفاعلًا كانوا أكثر عرضة للتغيب عن المدرسة بسبب المرض، إذا كانت بيئتهم الدراسية أو المنزلية مرهقة. غير أن هذه القابلية نفسها تحوّلت إلى مصدر للوقاية إذا نشؤوا في بيئة إيجابية. وقد طوّر "بويز" مع زميله "بروس إليس" نظرية أُخرى أطلقا عليها اسم: "الحساسية البيولوجية للسياق" (Biological Sensitivity to Context). وأشارا فيها إلى أن كل إنسان يحمل في تكوينه قدرًا مختلفًا من الحساسية تجاه بيئته الأولى، وأن الرضّع الذين نشؤوا في بيئة شديدة الإجهاد أو شديدة الكمال، يطوّرون استجابات فسيولوجية قوية تجعلهم شديدي التكيف مع السياق المحيط بهم. أمّا من نشؤوا في بيئة معتدلة، فلم يُبدوا مثل هذه الحساسية البارزة.
وفي الوقت الذي كانت فيه هذه النظريات تنمو وتزدهر، كنا نواصل أبحاثنا، وغالبًا بالتعاون مع علماء من تخصصات متعددة. ومن أبرز أدواتنا في تلك المرحلة استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI). وقد وجدنا أن الأشخاص الذين حصلوا على درجات مرتفعة في مقياس HSP (حساسية المعالجة الحسية)، كانوا أكثر انتباهًا في المهام التي تتطلب تمييزًا دقيقًا بين المنبّهات، كما في حالة مقارنة صورتين تكادان تتطابقان. ولم يكن هذا الانتباه أمرًا عابرًا، بل ظهر في صورة نشاط زائد في مناطق متعددة من الدماغ.
وما زلتُ أذكر بإعجاب إحدى دراساتي المفضّلة، وهي دراسة قارنت بين أشخاص نشؤوا في ثقافات جماعية مثل الصين، وآخرين نشؤوا في ثقافات فردية مثل الولايات المتحدة. وقد أظهرت النتائج أن أبناء الثقافات الجماعية يبرعون في المهام التي تتطلب ملاحظة السياق العام، بينما يتميّز أبناء الثقافات الفردية في ملاحظة التفاصيل الدقيقة، وهو أمر متوقع. غير أن المفاجأة كانت أن الأشخاص شديدي الحساسية، من أي ثقافة انحدروا، لم يتأثر أداؤهم بهذه الفروق الثقافية؛ إذ ظلّوا يرون الأشياء "كما هي"، كأنّ لهم عينًا ثالثة لا يخدعها السياق، ولا تشتّت انتباهها التفاصيل.
أما في دراسة أُخرى استخدمنا فيها كذلك التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، فقد أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين أحرزوا درجات عالية في مقياس HSP كانوا أشدّ تعاطفًا من غيرهم. إذ تأثروا تأثرًا أكبر بصور الوجوه السعيدة والحزينة، سواء كانت وجوهًا لأشخاص مجهولين أو لأحبّتهم. والمثير في الأمر أن النشاط الدماغي لم يقتصر على مناطق الإحساس العاطفي، بل امتدّ ليشمل مناطق الحركة الحسية، التي تحتوي على ما يُعرف بـ"الخلايا العصبية المرآتية"، وهي خلايا ترتبط بتجربة مشاعر الآخرين كما لو كانت تجربة ذاتية — مثل القشرة الجبهية البطنية الجانبية، والتلفيف المجاور للوتدة.
ولم تقف هذه الملاحظات عند حدود الصور والمشاهد البصرية، بل امتدّت إلى المشاعر المجردة. ففي سلسلة من الدراسات، قمنا بعرض مقاطع فيديو تهدف إلى إثارة مشاعر متنوعة — إيجابية وسلبية ومختلطة. وقد أفاد البالغون شديدو الحساسية بأنهم خاضوا تجارب عاطفية أقوى وأكثر تنوعًا من سواهم، بل إنهم استجابوا بسرعة أكبر للوجوه العاطفية، في حين لم تظهر لديهم استجابة أسرع تجاه الوجوه المحايدة.
وليس ذلك بالأمر المستغرَب، إذا ما استحضرنا ما يُعدّ من أبرز خصائص حساسية المعالجة الحسية، وهو ما يُعرف بـ"عمق المعالجة". فلربما يظن بعضهم أن المشاعر تشتّت الانتباه، لكنها — في الحقيقة — تعين على التركيز وتُيسّر عملية التعلّم. فإذا رغبتَ في حفظ رقم هاتف، فأنت بحاجة إلى رابط عاطفي يربطك بذلك الرقم. وإذا أردتَ تعلّم لغة أجنبية، فإن إقامتك في بلد يتحدث تلك اللغة يدفعك إلى معالجتها بعمق واهتمام. فالعاطفة، إذًا، لا تشتّت، بل تُحفّز.
وهذه السمة فطرية لدى ذوي الحساسية العالية؛ فهم لا يحتفظون في ذاكرتهم باللحظات السلبية فحسب، كما يفعل عامة الناس، بل يخزنون كذلك اللحظات الإيجابية، ويستخلصون منها العبرة والقوة. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن هؤلاء الأشخاص أكثر انسجامًا مع الإيجابيات، وأشد قدرة على التقاطها وتثبيتها في ذاكرتهم.
وعند تأملنا في نشاط الدماغ أثناء حالة الراحة، وجدنا أن الأشخاص ذوي الحساسية المرتفعة يظهرون نمطًا فريدًا من الاتصال العصبي، يُشير إلى تحكم أكبر في الانتباه، وذاكرة أقوى، وقدرة على التفكير الهادئ المتأني — وهو النمط من التفكير الذي يعين الإنسان على اتخاذ القرار السليم، والتخطيط المحكم.
ولقد كان البحث الذي أجراه "ماكس وولف" وزملاؤه عام 2008 باستخدام الحاسوب، بمثابة فتح علمي جديد في نظري. فقد سعوا إلى استكشاف الظروف التي تجعل الكائن الحي يطوّر سلوكًا يبدو شبيهًا بالخجل، لكنه في جوهره أقرب إلى الحساسية الفطرية. وأظهر بحثهم أن الكائن الحي، إذا استطاع أن يوظّف المعلومات التي يجمعها من بيئته في اتخاذ قراراته، فإن تلك القدرة تُصبح سمةً ثابتة فيه، شريطة أن تكون البيئة المحيطة به تكافئ هذا الجهد وتثيبه عليه.
وإليك مثالًا جليًا على ذلك: إذا كانت مناطق الغذاء تتفاوت في قيمتها الغذائية، فإن الانتباه لتلك الفروق يصبح سلوكًا مفيدًا، بل قد يُعدّ ضرورة للبقاء. أما إذا كانت تلك المناطق متماثلة، أو كانت الطاقة المطلوبة للوصول إليها مرتفعة، فإن الجهد المبذول في ملاحظتها لا يُجدي، ولا يعادل ما قد يُجنى منها من فائدة؛ وعندئذ لا تُصبح تلك السمة جديرة بالتوريث.
وأما أهم نتيجة توصّل إليها وولف وفريقه، فكانت أن سمة الحساسية العالية لا تظهر إلا لدى فئة محدودة من الأفراد. ولِمَ ذلك؟ لأن هذه السمة — على الرغم من فائدتها — تفقد قيمتها إن أصبحت شائعة بين الجميع. فإذا أصبح كل فرد يُلاحظ أدق التفاصيل، ويتأملها بعمق، فإن تلك السمة تفقد ما كانت تمنحه من تميّز. لذا، فلا بد أن تبقى هذه الحساسية محصورة في يد أقلية من الناس، في حين يحتفظ الغالبية بسمة مضادة، وهي التبلد النسبي، الذي يُجنّبهم استهلاك الطاقة في الملاحظة الدقيقة، ويُتيح لهم الاستفادة بطرائق أخرى.
تتخذ هذه الحساسية، لدى الإنسان، طابعًا خاصًا؛ إذ يغدو الفرد مرهف الإدراك لتفاصيل البيئة المحيطة به، ولا سيّما البيئة الاجتماعية. فليس هذا الإنسان ممّن يمرّ بالأحداث مرورًا عابرًا، بل هو يرصدها ويتأملها، قد يعي ما يلحظه، وقد لا يعي، إلا أنه دائمًا ما يعالج ما يتلقاه بعمق، ويُحسن الإفادة منه.
ومن العسير على الناس أن يدركوا هذا العمق في المعالجة، لأن صاحبه قد يبدو هادئًا وصامتًا، لا يختلف في سلوكه الظاهري عن سائر الناس، غير أن في باطنه عينًا لا تهدأ، وفكرًا لا يعرف السكون. وقد يتخذ قرارًا حاسمًا يغيّر به مجرى حياته، لا عن طريق خطوات متقدمة كثيرة، بل بخطوة واحدة ذكية، في لحظة فارقة: كأن يختار طريقًا مختصرًا، أو يُبدّل طعامه فجأة، أو يبتاع غرضًا قبل أن يدرك الآخرون انخفاض سعره. ولهذا السبب، حرصت النسخة المنقّحة من مقياس الحساسية، والمعروفة بـ(HSP-R)، على إبراز هذه القدرة على المعالجة العميقة، لا لأنها الأشد وضوحًا، بل لأنها تمثّل الأساس الذي تُبنى عليه سائر السمات.
ورغم وفرة ما يُنشر عن ذوي الحساسية العالية (HSPs)، لا يزال كثير من الغموض يحيط بهذه السمة. ويُعزى ذلك، في جوهره، إلى أن "العمق في المعالجة" – وهو لبّ الحساسية – لا يُرى بالعين، ولا يُقاس بالموازين الظاهرة. ويزداد الأمر تعقيدًا بسبب ما يُعرف بـ"القابلية التفاضلية للتأثر"، أي أن هؤلاء الأشخاص يتأثرون بالمحيط تأثرًا يتجاوز أقرانهم: فإن نشؤوا في بيئة طيبة، لا سيّما في طفولتهم، فإنهم يزدهرون، ويبدعون، ويتفوقون. أما إذا كانت نشأتهم في بيئة قاسية، فإنهم يعانون من القلق والاكتئاب والخجل، بدرجة تفوق غيرهم، فيظهرون أمام الناس بصورة الألم، لا صورة التألق.
ومع هذه الأنباء المُقلقة، ثمّة ما يبعث على الأمل. فهؤلاء، وإن كانوا يتأذّون من السوء أكثر من غيرهم، فإنهم أيضًا أكثر استفادة من التدخلات العلاجية والبيئات الداعمة. أما ما يُثير القلق حقًا، فهو أن الضغط النفسي يُلحق بهم أذًى أكبر، ويرتبط لديهم على نحو أوثق بالأمراض الجسدية. وقد أثبتت الدراسات، بعد عقود من البحث، أن كثرة الأمراض المُسجّلة لدى هؤلاء لا تعود إلى الحساسية نفسها، بل إلى ما تُسببه من توتر دائم مزمن.
والمثير للانتباه أن بعض هؤلاء الأفراد، ممّن يمكن تسميتهم بـ"ذوي الأداء العالي"، لا يعرفون أنفسهم على حقيقتها، فلا يُدركون أنهم ينتمون إلى فئة ذوي الحساسية العالية. وإن علموا، تلقّوا التوجيهات المفيدة، ثم مضَوا في حياتهم ناجحين، لا يلفتون الأنظار، ولا يطلبون الاهتمام، بل يُعرَفون بإبداعهم، وعمق تفكيرهم، وتعاطفهم مع غيرهم. هؤلاء ليسوا ملائكة، ولكن حسن تنشئتهم جعل منهم أناسًا لطفاء، مرهفي الإحساس، من غير تكلّف ولا تصنّع.
ثمّة، على أقل تقدير، ثلاثة أسباب تجعل التعرّف إلى ذوي الحساسية العالية (HSPs) أمرًا بالغ الصعوبة:
أولها: أن الرجال ممّن تتّصف شخصياتهم بالحساسية يُخفون هذه السمة، وذلك لأن الثقافة السائدة ترى في الحساسية طابعًا أنثويًّا، بل تعدّها أحيانًا علامة ضعف. ولذا، فمن الطبيعي أن يُخفي الرجل الحساس حساسيته، سواء عن وعيٍ منه أو دون وعي.
أما السبب الثاني، فهو أن بعض هؤلاء الحسّاسين يميلون إلى الإنبساط والإنخراط في المجتمع؛ إذ يُشكّلون نحو 30% من فئة ذوي الحساسية العالية (HSPs)، غير أنهم لا يَبدون حسّاسين في نظر الآخرين، لأنهم لا يتجنّبون المحفزات ولا يميلون إلى العزلة، ولهذا قد لا يُدركون حقيقة ذواتهم.
والسبب الثالث: أن من نشأ في بيئة طيبة مُتفهمة، قد لا تظهر عليه آثار واضحة للحساسية، وهؤلاء – ممّن أُسميهم "ذوي الأداء العالي" – يعيشون بين الناس في هدوء، لا يلفتون الأنظار، ولا يطلبون توجيهًا أو دعمًا، لأنهم قد تجاوزوا مرحلة اكتشاف الذات، وانصرفوا في صمتٍ إلى بثّ الجمال والرحمة والتأمل من حولهم.
ولعلّك تُدهش حين تعلم أن بعض الأشخاص ذوي الحساسية الشديدة يتّصفون بالانفتاح، ويقبلون على الناس، ويأنسون بالجماعات والرفاق، وتراهم كثيري الأصدقاء والعلاقات، وإن لم يستغنوا عن لحظات من العزلة يستردّون فيها توازنهم بعد أن يُرهقهم ضجيج العالم. بل إن نحو نصف هؤلاء الحسّاسين يحملون سمة أخرى لا تقلّ غرابة: حبّ التجديد، والتوق إلى التغيير، والسعي الدائم نحو الإثارة. فهم سريعو الملل، ضيقو الصدر بالروتين، يطلبون الجديد باستمرار. وأقرّ، صدقًا، بأنني واحدة من هؤلاء؛ أشعر أحيانًا كأنني أقود حياتي بقدم على دواسة الوقود، وأخرى على الفرامل.
غير أن هذه النزعة إلى التغيير والانفتاح لا تُلائم الصورة النمطية التي يحملها البعض عن الشخص الحساس: ذاك المنطوي، الخجول، الميال إلى البقاء في منزله، الكاره للتجديد.
وإذا أردت التيقّن من أنك أمام شخص حساس بحق، فانظر في طريقة تفكيره. ستجده غالبًا متأنّيًا في أفكاره، كأنها صيغت على مهل، ونضجت على نار هادئة. فإن اقترح نزهة، لم يكن ذلك عن هوًى أو عفوية، بل بعد تأمّلٍ في موقع الشمس والظل، واتجاه الرياح، وبُعد المكان عن الزحام، وسائر التفاصيل التي قد لا تخطر ببال غيره. ومع ذلك، قد يُفضّل الصمت، ويُحجم عن إبداء رأيه. فهو يدرك أن رأيه، وإن بدا صائبًا، قد يخالف رأي الأغلبية، وربما يُحدث حرجًا أو خلافًا، وهو بطبعه لا يميل إلى النزاع، ولا يُحبّ أن يفرض حضوره، رغم أنه كثيرًا ما يكون مُحقًّا.
وثمّة علامة أخرى لا تخفى: حاجته إلى التوقف والراحة. نعم، فهو إن شعر أن المحيط يضغط عليه، أو أن المحفزات تزداد حتى تفيض عن احتماله، سعى إلى العزلة والاسترخاء. أما إذا كان من "ذوي الأداء العالي"، ممّن نشؤوا في بيئات تُدرك حاجاتهم وتُقدّرها، فإنهم يدرجون أوقات الراحة ضمن جدولهم اليومي دون خجل أو تردّد. وإن دُعوا إلى ما لا يطيقون، قالوا ببساطة: "هذا لا يناسبني"، وانصرفوا في هدوء، دون شرح أو اعتذار.
إنهم يولدون بحدودٍ رقيقة، تتيح للعديد من الأمور أن تنفذ إلى أعماقهم – حتى مشاعر الآخرين – ولهذا فهم يعرفون حاجاتهم جيدًا، كما يُدركون حاجات غيرهم بوعي وتعاطف.
وقد ساقني الحديث عن الحدود النفسية إلى التوقّف عند خمس حاجات رئيسية، وقفتُ عليها بنفسي بعد أعوامٍ طويلة قضيتها في صحبة من وُصفوا بشدة الحساسية، فعرفتُ عنهم ما لم أكن لأدركه لولا التجربة والخبرة والمعايشة.
فأولى هذه الحاجات هي حاجتهم إلى تصديق مشاعرهم، والإيمان بأن ما يحسّونه أمرٌ حقيقي، وأن "شدة الحساسية" ليست وهماً ولا مبالغة. ولهذا أنصحهم بالرجوع إلى بعض الأبحاث العلمية المتاحة، والتي لا تتطلّب سوى جهد يسير في البحث الأكاديمي، تحت عناوين مثل: "حساسية المعالجة الحسية"، أو "الحساسية البيئية"، أو "الشخص شديد الحساسية"، أو حتى "مقياس الشخص شديد الحساسية". ففي تلك الصفحات يجدون برهاناً علميًّا يوافق ما يشعرون به في أعماقهم.
أما الحاجة الثانية، فهي حاجتهم إلى تأمّل تجاربهم الماضية، ولا سيّما المؤلمة منها، تلك التي عاشوها في طفولتهم وشكّلت ملامح شخصياتهم لاحقًا. وقد لا يقف الأمر عند الطفولة فحسب، بل يمتدّ إلى مراحل الرشد، إلى الخيارات التي اتخذوها في حياتهم العملية أو العاطفية، بل حتى إلى ما يراه الناس فشلًا في بعض المجالات. فكم من أحدهم شعر بالحرج لأنه لم يُرزق سوى بطفلٍ واحد، أو لأنه لم يُرزق بأبناء أصلًا! ولكنه، بخلاف غيره، كان يرى في تربية الأبناء عبئاً لا يُحتمل. وكم من امرأةٍ ندمت على رفض وظيفة تتطلّب سفراً متكرراً، لمجرد أن عبء السفر بدا لها مرهقاً! مثل هذه القرارات، التي تركت في نفوسهم ندوباً وشكوكًا، يمكن اليوم فهمها على ضوء ما يمتازون به من حساسية عالية، فيُنظر إليها بوصفها نتيجة طبيعية لا مهرب منها.
ينبغي لهم أن يدركوا أن الإنسان لا يبدع ولا يحسن الأداء إلا حين يكون في مستوى تحفيزٍ مثالي، ولهذا يشرب الناس القهوة، على سبيل المثال. غير أن ارتفاع مستوى التحفيز عن الحدّ المعتدل يؤدي إلى اضطراب التفكير، وتشتّت الانتباه، وربما انهيار الجسد. وهنا يتجلّى جوهر المعاناة لدى شديدي الحساسية، إذ يصلون إلى ذلك الحدّ بسرعة، أحياناً لمجرّد أن يكونوا محلّ مراقبة أو تحت تقييم أداء. ومع هذا، فإنهم إذا أُحسن إعدادهم واستعدّوا بذكاء، استطاعوا تجاوز تلك اللحظات، وإثبات قدرتهم، بل وتفوّقهم، شرط أن يفهموا ذواتهم كما ينبغي.
وأما الحاجة الثالثة، فهي حاجتهم إلى فسحة من الزمن يلتقطون فيها أنفاسهم، ويستشفون من جراح ماضيهم. وهم في هذا المسار أحوج ما يكونون إلى معالج نفسي يفهمهم، ويقدّر ما في نفوسهم من دقة وتعقيد. وليس ذكر المعالج هنا دليلاً على اكتمال كفاءته، بل هو علامة على إدراكه لطبيعة هذه النفوس، وفهمه لحقيقتها.
ثم تأتي الحاجة الرابعة، وهي إعادة النظر في نمط الحياة برمّته. إذ لا يليق بهم أن يسمحوا للمحفزات الزائدة أن تستنزفهم وتنهك قواهم. إنهم في أمسّ الحاجة إلى فترات من الراحة، لا تأتي ارتجالاً، بل تُخطط بعناية. ولئن تعلّم كثيرون منهم، عن طريق المشقّة، أن يعيشوا كما يعيش الأغلبية، فإن عليهم اليوم أن يعيدوا النظر في ذلك، ويختاروا لأنفسهم نمطًا يتّسق مع طبيعتهم، ولو تطلّب الأمر عزيمة ومشقة. وما أصدق ما قيل: إن من غيّر نمط حياته نحو الأفضل، فإنما يفيض بنعمته على نفسه وعلى من حوله، إذ تتجلّى عندئذٍ سمته الحقيقية، وتسطع كما تسطع النجوم في ظلمة الليل.
وأما الحاجة الخامسة والأخيرة، فهي أن يحظى الشخص شديد الحساسية بفرصة، ولو لمرة واحدة، يقضي فيها بعض ساعاته في صحبة مجموعة ممن يشبهونه. نعم، بين أفراد كلّهم يشاركونه سمة الحساسية العالية. فهناك وحده يشعر أن ما فيه حقيقي، وأنه ليس غريباً في هذا العالم. تلك المجموعات تكون عادةً أكثر هدوءًا، وألطف سلوكاً، وأقلّ ضجيجًا من سائر الناس. غير أن هذه البيئة المثالية تثير سؤالًا آخر: ماذا لو لم يكن هذا الشخص في محيط من يشبهونه؟ آنذاك لا بُدّ له أن يرفع صوته، ويكون صريحاً، بل جريئاً، وربما فظّاً حينًا – بقدر ما تتيح له طبيعته. فلا يكفي أن يُلمّح إلى حاجاته منتظرًا أن يدركها الآخرون من تلقاء أنفسهم دون أن يُصرّح بها بوضوح.
وقد رأيت أن أختم هذا الحديث العملي بهذه الحاجات الخمس، لما أعلمه من أن كثيرًا من شديدي الحساسية، بل وأهاليهم وأصدقاءهم، سيقعون على هذه الكلمات. وكنت، كما اعتدت، أرجو أن أقدّم لهم يد العون بما استطعت. فإن هذه المقالة، وإن خرجت منّي، ليست عنّي، بل عن أولئك الذين كانت الحساسية العالية بالنسبة لهم مفتاحاً لفهم أنفسهم. وقد سمعت من أكثر من واحد منهم قولًا لن أنساه: "لقد غيّر هذا حياتي." فلعلّ هذا الكلام الذي بين يديك يكون سبباً في تغيير حياة المزيد.
مترجم من Aeon بقلم إيلين آرونيس باحثة ومعالجة نفسية سريرية
عيادة معتمدة للتعامل مع الأشخاص شديدو الحساسية فى مصر
إذا أردت أن تُدّعم المحتوى الثقافي المقّدم لك بثمن كوب قهوة فهذا يسرنا كثيراً، فقط اضغط على الزر التالي
مقال يشعرك انك لست الوحيد في العالم ، لمن يعاني حساسية مثلي انت مرحب بك يا صديقي في حياتي💫
رغم فرط حساسيتي، تعاطفي يكون غريب، لا اتعاطف مع أي شيء أو أي شخص خاصة حينما يكون شخص أكرهه لا اتعاطف معه البتة