ما من فرق، في حقيقة الظلم، بين اغتصاب الأرض واغتصاب الجسد؛ فاحتلال الأرض ونهب خيراتها لا ينفصلان عن استعباد أجساد النساء والتعدي عليها. وإنّ الإمبراطورية الأمريكية، التي نشأت على أنقاض الأمم المستعمَرة، وعلى سلب ثرواتها، إنما تمثل صورة أخرى لذلك الغرور الذكوري العنيف، الذي يجرّ بعض الرجال إلى إغتصاب النساء دون حياء ولا وخز ضمير. وكأنّ الأرض، وقد جرى تصويرها عبر العصور رمزًا للأنوثة، لم تكن في مأمن من هذا العنف؛ فها هي تُدمَّر بيئيًا، وتُهان معنويًا، على يد تلك الإمبراطورية التي لا تعرف إلا منطق القهر والتسلّط.
تتداخل هذه القوى ـ السياسية منها والجنسية ـ في وعاء واحد، يعكس بعضُها بعضًا، ويقوّي بعضُها بعضًا، وتسير جميعًا في طريق البطش. فكأنّ السعي إلى الهيمنة لا يكتمل إلا حين يُمارَس على الجسد كما يُمارَس على الأرض.
وليس الجيش الأمريكي، في هذا السياق، إلا يدًا باطشة لتلك الإمبراطورية، تمتد إلى كل صوب، تنهب الثروات، وتستعبد الشعوب التي وُصِمت بأنها "دونية". شعوبٌ لم تُرَ إلا من خلال عدسة التفوّق الأبيض، ومن منظور "الاستثنائية الأمريكية" التي لا ترى في الآخرين إلا أدوات تُستعمل ثم تُرمى.
حتى أولئك الذين يُسمَّون "حلفاء"، ممن تبتسم لهم الولايات المتحدة اليوم، لا يُنتظَر منهم سوى الطاعة، والخضوع، وفتح الحدود عن طيب خاطر، وتسليم الأرض طوعًا، بل وتقديم نسائهم للجنود الأجانب الذين لا يرون فيهم إلا وسيلة للهو أو لتفريغ العنف الكامن في صدورهم.
وهنا تتجلّى الحقيقة المُرّة: لا يمكن فصل استعمار الأرض عن استباحة أجساد النساء. فهما يسيران جنبًا إلى جنب، متداخلَين، يتكرران في مشاهد التاريخ. فكما تظهر آثار الضربات والكدمات على جسد المرأة المغتصَبة، نراها كذلك على صفحة الماء العذب، وعلى الأرض الخصبة؛ فكأنّ الجرح واحد، والأنّة واحدة.
وما هذا الذي نشهده اعتداء عابر، بل هو تدمير للروح، وتفكيك بطيء للشعور بالكمال، وقسرٌ عنيف على الانضواء تحت نظام عالمي شُيِّد بالدم، واستند إلى الربح المنزوع من كل قيمة إنسانية.
ونعود إلى عام 1882، يوم وصف الضابط البحري الأمريكي روبرت ويلسون شوفيلت جزرَ المحيط الهادئ بأنها "عروس أمريكا المحيطية". ولم يتردد في أن يكتب أنّ "ثروات الشرق" لن تُجلب إلى بلاده عن طريق التجارة، بل عبر الهيمنة والاستعمار. وإن تغيّر وجه الإمبراطورية، ولبست قناع "الأمن القومي" أو "التفوق الأخلاقي"، فإن نظرتها لم تتغير.
فبعد الحرب العالمية الثانية، كان اجتياح جزر المحيط جزءًا من صراعها مع الاتحاد السوفيتي، بذريعة مقاومة الشيوعية. واليوم، قد دخلنا عهدًا جديدًا من الحرب الباردة، لكن هذه المرّة مع الصين. وما زالت الولايات المتحدة تمضي في عسكرة تلك الرقعة، وتنشر فيها ما يربو على أربعمئة قاعدة عسكرية، ونصف مليون جندي. والفرق الوحيد هو تغيّر اسم "العدو"، أما المنطق فهو هو، لم يتبدّل.
كثيرًا ما يُبالَغ في تصوير التهديد، ويُشوَّه وجه "الآخر"، لا لأن الخطر قائمٌ فعلاً، بل لأن الإمبراطورية لا تستقيم من غير عدو. فإن لم يكن لها خصم ظاهر، اختلقته اختلاقًا. وبهذا وحده، تبرّر استمرار هيمنتها، وتُسوّغ سياستها القائمة على الاستغلال والنهب.
وتظلّ المجتمعات المحلية في آسيا والمحيط الهادئ هي التي تتحمّل الوطأة الأثقل من هذا العنف المستمر. فمن كوريا الجنوبية إلى اليابان، ومن الفلبين إلى سواها، لم يتغير المشهد منذ قرنين. أما النساء، وهنّ الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، فهنّ أشدّ من أُصيب، إذ يقفن في مرتبة دونيّة من حيث العِرق والنوع معًا، فيتلقين الضرر الأكبر، ويظللن الأبعد عن صوت التاريخ، والأمسّ حاجة إلى أن نصغي لآلامهن.
الغزو الجنسي في آسيا والمحيط الهادئ
في عام 1871، شنّت الولايات المتحدة أولى هجماتها على مملكة كوريا، لا دفاعًا عن النفس، ولا طلبًا للسِلم، بل تنفيذًا لمطامعها التوسعية التي لم تكن تخفى على أحد. كانت الغاية أن تُرهب، وتُظهر بأسها في عرضٍ عسكري لا رحمة فيه. وقد صرّح الضابط البحري الأمريكي تشارلز روكويل آنذاك أن الهدف هو "إحداث تأثير أخلاقي يجعل مواطنينا أكثر أمانًا". وما أبعد هذا الزعم عن جوهر الأخلاق! فقد كان الهجوم، في حقيقته، إثباتًا لتفوّق الغرب، واستعادةً لصورته أمام أنظار من رأوه غريبًا ومُستعمِرًا في الصين واليابان. وكان ذلك اللقاء الأول بين كوريا وأمريكا مشوبًا بالارتياب، والتوجّس، والاستغلال.
ثم جاء عام 1910، فسقطت كوريا تحت الاحتلال الياباني، وأصبحت مستعمرة لا تملك أمرها، وبقيت على هذا الحال حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. ولم يكن الاحتلال مجرد سيطرة على الأرض، بل كان غزوًا للجسد أيضًا. فقد أنشأ الجيش الإمبراطوري الياباني منظومة عبودية جنسية في كوريا، لا تعرف رحمة ولا إنسانية. أُجبرت مئات الآلاف من النساء الكوريات على أن يصبحن سبايا في يد الجنود، يُغتصبن على نحو ممنهج، وتُسلب منهن كرامتهن، بل وحتى أسماؤهن. وقد أُطلق عليهن اسم "نساء الراحة"، وما أشدّ بُعد هذا اللقب عن الحقيقة؛ فقد كنّ يعشن في عذاب دائم، وفي ظروف لا تُحتمل، حتى إن نسبة الوفيات بينهن فاقت وفيات الجنود في ساحات القتال. كانت تلك معسكرات للموت، لا مواخير للهو، ولم تنجُ سوى واحدة من كل أربع نساء.
وما إن وضعت الحرب أوزارها، حتى دخلت الولايات المتحدة لتحتل كوريا من جديد، لا لتحررها، بل لتُقسّمها نصفين، تحت أعين القوى الكبرى. فشُطِرت شبه الجزيرة على امتداد خط العرض 38، وتفرّقت العائلات، وانقطعت الأواصر. ثم أشعل هذا الانقسام حربًا ضروسًا سنة 1950، حين حاول الكوريون أن يعيدوا لوطنهم وحدته، غير أن الحرب استمرت ثلاث سنوات، قُتل فيها الآلاف، وسُويت البلاد بالأرض.
وفي وسط هذا الخراب، لم تُنهِ الولايات المتحدة ما ورثته من النظام الياباني المستعمر، بل أعادت تشكيله بما يخدم مصالحها، لا لتزيله، بل لتُبقي على نير الاستغلال قائمًا. فقد تعاونت مع الحكومة الكورية الجنوبية على إقامة ما سُمّي بـ"مدن المخيمات"؛ وهي مدن مغلقة، لا غرض لها إلا إشباع رغبات الجنود الأمريكيين، ورفع معنوياتهم. وباسم التحالف، وتحت شعار الشراكة الثنائية، فُتحت أبواب تلك المدن لاستقبال الأرامل، واليتيمات، والفقيرات، بل وحتى القاصرات. وكانت النساء يُصنّفن رسميًا بوصفهن "إمدادات عسكرية من الفئة الخامسة"، وكأنهن أدوات تُقدَّم تلبيةً لحاجات الجيش الجنسية الوحشية.
وفي خضم هذا الدمار، لم تضع الولايات المتحدة حدًا لما ورثته من النظام الياباني البغيض. بل أعادت تشكيله، لا لتُنهيه، بل لتُجدد به عهدها بالاستغلال. تعاونت مع الحكومة الكورية الجنوبية في إقامة "مدن المخيمات"، مدن سرية لا يُقصد منها إلا أن تُلبّي شهوات الجنود الأمريكيين، وتُبقي على معنوياتهم مرتفعة. باسم التحالف، وباسم العلاقات الثنائية، فُتحت أبواب تلك المدن لاحتواء الأرامل، واليتيمات، والفقيرات، بل وحتى القاصرات. وكله كان يجري في ظل تسمية النساء بأنهن "إمدادات عسكرية من الدرجة الخامسة"، وكأنهن قطع وتم تقديمها للالتزام بالاستحقاق الجنسي الوحشي للجيش الأمريكي.
وكانت النتيجة أن تحوّلت الدعارة إلى مصدر رئيس من مصادر الدخل القومي في كوريا الجنوبية. ففي تلك السنوات، بلغت نسبة الإيرادات الأجنبية القادمة من هذا "القطاع" نحو 20%، وقد انخرطت فيه أكثر من مليون امرأة في مدن المخيمات. وتشير الإحصاءات إلى أنّ واحدة من كل خمس نساء، بين السادسة عشرة والتاسعة والعشرين، كانت منخرطة في هذا الجحيم.
وقد أُطلقت على هؤلاء النسوة تسميات مهينة، ووصِفن بأنهن "آلات صفراء رخيصة لتفريغ الشهوة"، وكان يُنظر إليهن ويُعامَلن كما تُعامَل الأدوات زهيدة القيمة: تُستَخدَم ثم تُلقَى. نُزعت عنهن إنسانيتهن قطعةً بعد قطعة؛ سُجّلن، وصُرِّح لهن رسميًا، وأُخضعن لفحوصات دورية، وعوقبن إذا اعترضن أو رفضن. دُرّبن على إرضاء الجنود كما لو كنّ في معسكر لتلقين الطاعة. ومن تجرّأت على المقاومة، تعرضت للضرب، والإهانة، والتعذيب، بل وربما للقتل. وقد انتهت حياة بعضهن بطرق بالغة الوحشية يصعب تصديقها، كما في حالة المرأة التي لقيت مصرعها بعد أن أُدخلت في رحمها زجاجة كوكاكولا قسرًا، وغُرِسَت مظلة في دبرها، فكان ذلك المشهد نهاية مأساتها.
ولم تكتفِ الولايات المتحدة بإنشاء منظومات للدعارة العسكرية القمعية في كوريا، بل مضت في ترسيخ هيمنتها على الأرض والموارد، وكأنها لا تشبع من الاستحواذ، ولا تكلّ من السيطرة. أما الحكومة الكورية الجنوبية، فلم تكن في حقيقتها إلا دمية تحركها خيوط النفوذ الأمريكي، تخضع بإذلال لإملاءات قادتها، وتُسارع إلى تلبية نزواتهم، ومن ذلك توسعة الوجود العسكري الأمريكي في شبه الجزيرة. واليوم، تحتضن كوريا الجنوبية أكثر من سبعين قاعدة عسكرية أمريكية، ويقيم على أراضيها آلاف الجنود الأمريكيين، كأنهم أصحاب الدار لا ضيوف. وقد تعرّض هذا الوجود، إلى جانب التدريبات العسكرية السنوية المشتركة، لانتقادات واسعة، لما سبّبه من تدمير للبيئة، وضرر بالغ للطبيعة التي كانت يومًا ما زاخرة بالسكينة والنقاء.
ولم تكن كوريا وحدها تحت هذا العبء؛ فاليابان، التي تحتضن على أراضيها مئةً وعشرين قاعدةً عسكريةً أمريكية – أكثر من أي بلد آخر في العالم – ذاقت بدورها مرارة الاحتلال، وعرفت وجهًا أشد قسوة من الاحتلال العسكري، هو الغزو الجنسي. فقد تكررت حوادث الاعتداءات والاغتصاب التي ارتكبها الجنود الأمريكيون حتى باتت عصية على الحصر. وفي ديسمبر من عام 2024، قررت صحيفة أوكيناوا تايمز أن تتخلى عن برامجها المعتادة، وتنشر جدولًا زمنيًا صادمًا يسرد تلك الاعتداءات منذ معركة أوكيناوا، بما في ذلك حادثة اغتصاب جماعي لطفلة لم تُكمل شهرها التاسع، وامرأة مسنّة بلغت الثامنة والخمسين من عمرها.
ومن بين تلك الجرائم البشعة، تبرز واقعة مروعة وقعت عام 1995، حين أقدم ثلاثة جنود أمريكيين على اختطاف فتاة في الثانية عشرة من عمرها، وضربوها، وربطوا يديها، وسدّوا فمها وعينيها بشريط لاصق، وتناوبوا على اغتصابها. وكانت الفضيحة أشد وقعًا حين صرّح الأدميرال ريتشارد سي. ماكي، قائد القيادة الأمريكية في المحيط الهادئ آنذاك، تعليقًا على الجريمة، قائلًا ببرود: "أعتقد أن ما فعلوه كان غباءً مطلقًا، فقد كررت مرارًا أن المبلغ الذي أنفقوه على استئجار السيارة محل الواقعة كان كافيًا للحصول على عاهرة بدلاً من ذلك!"
وفي العام المنصرم، تكررت المأساة حين اغتصب جندي أمريكي فتاة في السادسة عشرة من عمرها، فوصف حاكم أوكيناوا، ديني تاماكي، الحادث بأنه "انتهاك لكرامة الفتاة". لكن، ما جدوى هذه الكلمات الواهية في وجه جريمة تمزّق النفس، وتقلب حياة الإنسان رأسًا على عقب؟ وقد حُكم على الجندي بالسجن خمس سنوات فقط، وكأن في ذلك عدلًا أو كفاية.
أما في الفلبين، فلم يكن الحال بأفضل مما جرى في كوريا أو اليابان. فقد أُبرمت اتفاقية بين الولايات المتحدة والفلبين عقب الحرب العالمية الثانية، أتاحت للجيش الأمريكي السيطرة على قواعد عسكرية في البلاد مدة أربعة وأربعين عامًا. وكما جرى في كوريا، أُقيم نظام للدعارة العسكرية، مكّن الجنود من الاعتداء الجنسي على النساء المحليات، تحت غطاء قانوني، بل وأحيانًا بمباركة رسمية. وبين عامي 1981 و1988، سُجّلت أكثر من اثنتين وثمانين حالة عنف جنسي، دون أن يُعاقَب أيّ من الجناة، وكأن النساء لا كيان لهن ولا صوت.
وهكذا، يتجلى الوجه العسكري للإمبريالية، بوصفه خيالًا ذكوريًا متعطشًا للغزو، لا يفرّق بين الأرض والجسد، ولا يعرف من الأخلاق شيئًا. إنه تكديس للثروة، ولهاث خلف الشهوة، واستعداد دائم للبطش، والدمار، وسفك الأرواح، باسم "الاستحقاق". فحيثما تسير الجيوش الأمريكية، يتبعها الغزو الجنسي، وتلحق بها الكوارث البيئية. ذلك هو النمط الثابت، المتكرر، الدائم، للإمبريالية العسكرية، وقد خلّف أثرًا قاسيًا وعميقًا في حياة النساء في مختلف بقاع الجنوب العالمي.
عولمة تجارة الجنس
من نتائج أنظمة الدعارة العسكرية التي روّجت لها الولايات المتحدة، أنها لم تكتفِ بإشاعة الفساد الأخلاقي، بل أسهمت في ترسيخ صناعة جنسية ضخمة لا تستشعر الخجل من ذاتها، إذ أصبحت جزءًا من المنظومة الاقتصادية، وتوغلت فيها حتى غدت أمرًا مألوفًا مقبولًا. فما إن يزداد عدد الجنود الأمريكيين في منطقةٍ ما، حتى يزداد عدد البغايا تبعًا لذلك، ويرتفع الثمن بازدياد الطلب، ويتكاثر العرض بزيادة المستهلكين. ولهذا، حين أُرسلت القوات الأمريكية إلى مدينة زامبوانجا لمحاربة ما سُمِّي بـ"الإرهاب الإسلامي"، لم يلبث عدد البغايا أن ارتفع من عدد محدود إلى ما يزيد على ألفي امرأة وفتاة، كانت بينهن نسبة كبيرة من القاصرات. تلك "الأسواق الجديدة" للجنس، التي بعثتها أنظمة الدعارة العسكرية من رماد الحروب، مهّدت السبيل أمام توسع تجارة النساء وانتشارها مجددًا في أرجاء آسيا.
وقد قال كارل ماركس ذات يوم: "الدعارة ليست إلا وجهًا من وجوه الدعارة العامة التي يحياها العامل". وكما تستغلّ الإمبريالية اليد العاملة الرخيصة لتحصيل الأرباح، فإنها تفعل الشيء نفسه بالجسد الأنثوي، فتصوغ منه سلعة جنسية تُستهلك بأبخس الأثمان. ففي البلدان الفقيرة، يجد الرجال الأغنياء فرصة مفرطة للمتعة بثمن زهيد، حيث تُعرض أجساد النساء بما لا يُقارن بقيمتها في عواصم المال الإمبريالية. وهكذا يقوم هذا النظام الجائر على الفقر والاستغلال، ويعتمد على استخدام النساء وإهانتهن بوصفهن "مواد خامًا". وبفعل هذه الهيمنة الإمبريالية، نشأت طبقة جديدة من المستغَلين: بروليتاريا جنسية من النساء والأطفال، تُستخرج من أجسادهم المنافع كما تُستخرج المعادن من المناجم، وتُصدَّر إلى الدول الغنية كما تُصدّر الخامات، فيشتريها من يملك المال الكافي لشراء اللحم والدم والعظم.
وهذا الالتحام العنيف بين أنظمة العالم الوحشية، هو ما أتاح استمرار العنف البنيوي ضد النساء وتجذره. فالمطامع الإمبريالية للدول الغربية، وقد امتزجت بشهوة رأسمالية لا تشبع، وتغوُّل عسكري لا يعرف الرحمة، لم تكن تستهدف سوى استعمار الأرض واستعباد البشر. وكانت النساء أشد من اكتوى بنار هذه الأنظمة، إذ سحقتهن أنظمة بطريركية خشنة لا ترى في المرأة سوى كائن يصلح للاستغلال. وما تزال المعاناة قائمة، لأن القوى الكبرى في العالم لا تكفّ عن تغذية الظلم، ولا تتورع عن تقويض حقوق الإنسان كلما شعرت بأن سلطتها السياسية أو مصالحها الاقتصادية في خطر.
وها هو الجيش الأمريكي، في سعيه إلى الهيمنة، لا يكتفي باحتلال الأرض، بل يفسدها، ويسممها، ويجعلها غير صالحة للعيش. وقد طال أذاه، غير مرة، نساء بريئات وفتيات صغيرات. فالاستعمار حين يُمارَس على الأرض لا ينفصل عن استعمار الجسد؛ فهما وجهان لفعل واحد: التدمير. ومن أراد أن يذود عن النساء هذا العنف الذي يقترن بالجيوش الأمريكية حيثما حلّت، فعليه أن يسعى إلى نزع سلاح العالم، لا بشعار أجوف، بل بعمل جاد حقيقي. عليه أن يعيد النظر في المنظومات التي تُسيّر البشرية، وأن يجتهد في بناء عالم أكثر عدلًا وتوازنًا، يقوم على وحدة الإنسان لا على استغلاله، وعلى صون الكرامة لا على سحقها.
مترجم من mronline بقلم Megan Russell
إذا أردت أن تُدّعم المحتوى الثقافي المقّدم لك بثمن كوب قهوة فهذا يسرنا كثيراً، فقط اضغط على الزر التالي
عزالله ماكذب جدي يوم قال ان امريكا جحلط مجمعين